ما حكم كتابة ( صلى ) أو ( صلعم) أو ( ص )
بعد ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهي اختصار للصلاة عليه ؟
سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
(الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وفي الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، فوائد كثيرة منها:
- امتثال أمر الله سبحانه وتعالى، والموافقة له في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم،
والموافقة لملائكته أيضاً في ذلك، قال الله تعالى :
{ إن الله وملائكته يُصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلَّوا عليه وسلِّموا تسليماً }
- ومنها أيضا مضاعفة أجر المصلي عليه، ورجاء إجابة دعائه، وسبب لحصول البركة،
ودوام محبته صلى الله عليه وسلم .
كما أنه صلوات الله وسلامه عليه رغَّب في الصلاة عليه بأحاديث كثيرة ثبتت عنه، منها
ما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
« من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً » .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« رغم أنفُ رجل ذُكرتُ عنده فلم يُصلِّ عليَّ ».
وبما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في الصلوات في التشهد،
ومشروعة في الخُطب والأدعية، والاستغفار، وبعد الأذان، وعند دخول المسجد، والخروج منه،
وفي مواضع أخرى، فهي تتأكد عند كتابة اسمه في كتاب، أو مؤلف،
أو رسالة، أو مقال أو نحو ذلك، لما تقدم من الأدلة، والمشروع أن تكتب كاملة تحقيقاً لما أمرنا الله تعالى به،
وليتذكره القارئ عند مروره عليها، ولا ينبغي عند الكتابة الاقتصار في الصلاة والسلام
على رسول الله صلى الله عليه وسلم
على كلمة (ص) أو (صلعم)، وما أشبهها من الرموز التي قد يستعملها بعض الكتبة والمؤلفين،
لما في ذلك من مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله:
{ صلوا عليه وسلموا تسليماً }
مع أنه لا يتم بها المقصود، وتنعدم الأفضلية الموجودة في كتابة (صلى الله عليه وسلم) كاملة،
وقد لا ينتبه لها القارئ، أو لا يفهم المراد بها، علماً بأن الرمز لها قد كرهه أهل العلم وحذَّروا منه.
فقد قال ابن الصلاح في كتابه (علوم الحديث) المعروف بمقدمة ابن الصلاح ما نصه:
( التاسع: أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره،
ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره، فإن ذلك من أكبر الفوائد
من أغفل ذلك فقد حُرٍم حظاً عظيماً.
وقال العلامة السخاوي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه (فتح المغيث في شرح ألفية الحديث) ما نصه:
( واجتنب أيها الكاتب (الرمز لها) أي الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطك،
بأن تقتصر منها على حرفين، ونحو ذلك، فتكون منقوصة صورة
فيكتبون بدلاً من صلى الله عليه وسلم (ص) أو (صم) أو (صلعم)،
فذلك لما فيه من نقص الأجر ).
وقال السيوطي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه (تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي):
ويكره الرمز إليها في الكتابة بحرف أو حرفين، كمن يكتب (صلعم) بل يكتبهما بكمالهما).
هذا ووصيتي لكل مسلم وقارئ وكاتب، أن يلتمس الأفضل، ويبحث عما فيه زيادة أجره وثوابه، ويبتعد عما يبطله أو ينقصه.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً إلى ما فيه رضاه، إنه جواد كريم،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه).
انتهى كلام الشيخ ابن باز رحمه الله . والله أعلم.