في حيِّنا وغير بعيد عن البيت، مكتبة كانت تتلألأ بالكتب والرسائل والمجلات والصحف، صارت دكانا للمأكولات ومقهى للمشروبات،وغير بعيد عنها أخرى صارت مخدعا للهاتف ، وأخرى في الزقاق الموالي صارت مغلقة منذ سنين .
وغير بعيد من الحي فوجئت ما الذي أحسر و أخسر :المكتبة العريقة التي كنت تجد فيها الكتب و المقامات و الرسائل والألفيات و الدواوين و المتون و الشروح...ومالا تجده هنا وهناك من كتب التراث أصبت بالانتكاس وأنا أرى على الرفوف الأمس علب السجائر،ورفعت رأسي محدقا إلى أعلى،وكأني لا أصدق ، فإذا بي أرى شارة للدخان مثبتة، يا لكع! كما تقول العرب ، تحولت المكتبة العريقة إلى حانوت للدخان .
صدقوني، أن هذا الذي أحكيه ليس بنكتة ولا خرافة، ولكنه واقع وحقيقة، ألهذا الحد زهدنا في الكتاب و الكتبة اغتربنا عنهما وغربناهما !؟
لقد أخبرتنا الكتب أن فتى عربيا في ما مضى كان يبحث عن كتاب للرازي فلم يجده إلا عند كتبي واحد،وعنده نسخة واحدة، فتصادف أن فتاة كانت تبحث عن نفي الكتاب أبت هي الأخرى إلا أن تأخذه من كتبي ، وأصر الفتى،وأصرت الفتاة فلم يحل النزاع بينهما ألا بزواجهما،ومضيا بالنسخة إلى بيتهما .
وكان علمائنا يضربون أكباد الإبل يقطعون الأميال و الأميال و الليالي الطوال للحصول على نسخة من كتاب أو صفحة أو حديث من الصفحة ضاع منه جزع من سند أو الكلمة من متن .
و حكا هتلر في (كفاحه) أنه يوم يشتري كتابا يظل يومه ذاك يتضوع جوعا ثمنا لذالك .
لكي الله يا أمة الإسلام الم تعلم هذه الأمة أن أول ما نزل على نبيها }اقرأ{ التي كررها الملك الأمين ثلاث مرات حتى استقرت في روع النبي عليه الصلاة و السلام ،ثم أنزل الخالق جل وعلا في محكم آياته:
(( يسبح لله ما في السموات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم،هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب و الحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)) سورة الجمعةفيا حسرة على المسلمين إن ضيعوا الكتاب وإن ضاع الكتاب فيا حسرة على العباد.