نشأة بادن باول
ولد روبرت ستيفنسن سميث بادن باول في 22 فبراير سنة ( 1857 ) في (( 6 شارع ستانوب - بادينجتون - لندن )) . كان والده عالما في الرياضيات بجامعة أكسفورد . وأسم روبرت ستيفنسن كان أيضا اسم جده لأبوه الذي كان أبنا " لجورج ستيفنسن " مخترع أول خط سكة حديد ،أما والدته فهي " هنريتا سميث " فتاه تدرجت في عائلة عريقة ناجحة فوالدها كان أدميرال في البحرية – فيزيائي وعالم فلك وعضو في الجمعية الملكية للجغرافيا . وكان يسكن في شارع ( شان ) شارع العلماء والمفكرين .
وكان زوجها والد روبرت بادن باول في الحادية والثلاثين من عمره صديق وشريك عالم الرياضيات الشهير " فراداي ". وكان منزله ملتقى الكثير من العلماء والأدباء مثل " روسكن " وعالم الطبيعيات " هلكس " . وقد كان روبرت يختبئ وراء الباب كي يستمع إلى أحاديث الكبار، وكان لجده لأمه الادميرال " سميث " تأثير مباشر عليه ، حيث كان يحكى له القصص عن البحرية والمغامرات في شرفة منزلهم .
وعاش مؤسس الحركة الكشفية (( روبرت )) دون أب منذ صغره ، فقد مات أبوه وعمره ثلاث سنين فحرصت والدته على تربية أبنائها على التقاليد العائلية المتبعة حينذاك . وكان روبرت يستبق عمره . ففي الثامنة من عمره وجه كتابا إلى جده عنوانه (( قوانيني عندما أصبح عجوزا ))
جاء فيه " سوف أسعى لكي يصبح الفقراء أكثر مالا من الأغنياء لأن لهم الحق بالسعادة ، فالله هوالذى خلق الأثرياء والفقراء ، ولكن أستطيع أن أقول لك ما يجب عمله لكي تكون طيبا ؛ يجب أن تصلى إلى الله كلما استطعت إلى ذلك سبيلا لكي تصل إلى الطيبة " .
ومع أن روبرت كان فتى صغيرا فقد كان قويا بالنسبة إلى عمره فكان أنمش الوجه لون شعره أحمر.
ألتحق " روبرت " بمدرسة (( روز هل )) في لندن وعمره إحدى عشرة سنه . ثم ألتحق بمدرسة (( تشارتر هوس )) عام (1870) . وهى من المدارس العريقة المميزة الخاصة بأولاد الأغنياء وأصحاب النسب . وفى المدرسة لم يفلح كثيرا في دروسه ، ولم يكن رياضيا بارزا . ولكنه كان ممتازا في الرماية والتمثيل . وقد جعله حسه بالدعابة محبوبا لدى رفاقه في المدرسة .
وكان روبرت أحيانا يسعى وراء الوحدة فكان يذهب إلى (( الأجمة )) وهى رقعة من الأرض المشجرة قرب المدرسة ، وهناك كان يدرس الحيوانات والطيور فيلاحقها ويتقصى أثرها ولقد أكتشف بعض عجائب الطبيعة بنفسه وكانت الأجمة منطقة محظورة على التلاميذ . فكان على روبرت أن يتوارى عن أعين المعلمين .
وقد كتب روبرت بادن باول فيما بعد عن هذه الفترة يقول :
" لقد تحققت في أثنائها من بعض ما يحيط بنا من عجائب وتكشف لناظري ما في الغابة من جمال " .
كما كان روبرت يذهب مع إخوانه الكبار أثناء العطلات للاستكشاف والتنقيب وكانوا يشترون القوارب بأسعار زهيدة ويصلحونها بأنفسهم وينزهون بها على الساحل الإنجليزي وفى إحدى المرات أبحروا إلى النرويج وأحيانا كانوا يبحرون في الأنهار وفى أحيان أخرى كانوا يرحلون إلى أطراف المدينة حاملين متاعهم على ظهورهم ليناموا داخل مخازن الغلال أو في العراء تحت قبة السماء.
إلتحاقه بالجيش
في نهاية دراسة روبرت الثانوية حاول الوصول إلى جامعة أكسفورد حسب تقاليد العائلة ولكنه سرعان ما وجد الفرصة في المدرسة الحربية فسجل أسمه بدون علم عائلته؛ وأجريت مباراة خيالة للقبول فكان ترتيبه الخامس في المباراة من بين ( 718 ) مرشحا ، وكان عليه أن يقضى سنتين في التدريب ولكنه أعفى منها لتفوقه وقضى مدة شهرين فقط في التدريب . تخرج بعدها برتبة ملازم أول في الخيالة عام (1876 ) ، وبعد فترة وجيزة ألتحق بفيلقه المتوجه إلى الهند .
هكذا أصبح روبرت ملازما مسئولا عن عدة عسكريين ومدنيين في الشمال الشرقي من الهند وهو في سن التاسعة عشر ، ولقد بدأت تظهر مواهبه خصوصا في التمثيل والإخراج ورسم بطاقات الدعوة للحفلات التى تقام احتفالا بتنصيب الملكة ( فيكتوريا ) إمبراطورة على جزر الهند ، ولقد كانت له اهتمامات بعلم المساحة حتى أنه حصل على نجمة إضافية لمهارته في هذا الفن ، وفى الهند أيضا مارس بادن باول اصطياد الخنازير البرية المتوحشة بالرماح وهى هواية خطيرة إذ أن هذا الحيوان مشهور بشراسته لدرجة أن الهنود تصفه بالحيوان الذي يجرؤ على شرب الماء جنبا إلى جنب مع النمر دون أن يخشى بأسه ...
وترك بادن باول الهند وتوجه إلى أفغانستان لفترة حيث عمل تحت إمرة عقيد كفء سلمه مسئوليات ضخمه ؛ من بينها تحليل أسباب الهزيمة التى منى بها الجيش البريطاني في أفغانستان ولقد بذل مجهودا كبيرا في ذلك حتى رقى إلى رتبة نقيب في عام (1883) وكان عمره أنذاك ( 26 ) سنة هذا وقد كان يعطى دروسا في ركوب الخيل والرماية بالإضافة إلى الأعمال المكتبية ، وكانت له صفات شخصية قد يكون لها الدور في إعداده لمهمته القادمة؛ فقد كان يعرف كيف يكيف نفسه فهو محب للاستطلاع، قنوع ،اجتماعي ، محبوب ، بشوش ، غير مبذر، يعشق العيش في الهواء الطلق، كان مغرما بحب الطبيعة حتى أنه ألف كتابا بعنوان " صيد الخنازير " ومن أولى الكتب التي ألفها كتاب " الاستطلاع والكشفية " الذي صدر في عام ( 1884 ). وقد تضمن الأسس الفنية لاختصاصاته التي ظهرت فيما بعد .